المشكلة أني كثير الأحلام

حلمت و حلمت و شكلتها من طين كلماتي و من عطر نادر و نفيس ، حلمت بها أنثى لا تشبه الإناث ، حلمت بها تدرك ما تقول و تفهم ما يقال ، تحلم و تعرف كيف بعملها تحقق الأحلام ، تحب كما الحمام ، تبحث عن القش و تسابق رفيقها لبناء عشها ،تقرأ و تعلمني ما فات من كلمات، ترتديني ثوباً حين يظهر عريها فأنا كما هي الستر و الغطاء، لا تخجل مني ، من نزقي و من جنوني ، و تعرف أن الجيوش و القتلة لا تخشى سوى الأقلام، و أن الموت قادم لا محالة فلنشتهي موتاً يليق بنا ، يليق بكلماتنا التي نصف بها أنفسنا، و يليق بصدر يتنفس حين يهدأ النار.

 حلمت بها تعريني ، و تنتزع من جسدي همس الإعصار ، تواعدني حين تشاء، فقد ولّى داخلها زمن كانت فيه النساء ينتظرن الرجال ، تأخذ ما تستحق غصباً فليس لديها وقت للإنتظار ، ليس لديها وقت للعبة الجواري و الأسياد، للعبة يظن كل من فيها أنه الرابح و أن الآخر نزيف و خسارة ، و أن العلاقة تبدأ بانتقام و تنتهي بانتقام ،و أنها لحظةٌ تحسم فيها المعارك و تكللُ رؤوس المنتصرين أكاليل الغار ، حلمت بها تناديني لأنها أنثى كما أناديها كما الرجال.

حلمت بها تفهم أن ليس كل الرجال وحوش و أن فيهم كما الإناث ألواناً و نكهات ، حلمت بها لا تفترض في حدها الآخر الغباء كما يفعل معظم الرجال ، و أن لا تكون صورة عن من تكره منهم فتفترض أن هناك خصائص مشتركة تحكم النوع ، كل في سره يعتقد أن الآخر وهم و غباء.

حلمت أني لن أصبح شحاذاً يستجدي اللقاء ، و حسبتها تفهم أني صنف ما بقي قربها لأن وصفة الجدات تلك ناجعة ، مجربة ، و فعلت فعلها من قبل و ستفعل فعلها الآن. بل لأني أحببتها كما يحب الأحرار الأحرار ، و انتظرتها أن تغسل خوفها فتراني كما أستحق أن ينظر إلي، فرد ، واحد ، لا أشبه أحداً ، و طريق ينفتح لهمس الروح لا لوصفات العطارين ، و تعاويذ السحر و طلاسم الأباء و الأجداد.

 حلمت ، مذنب أنا ، أعترف ، و لست نادماً و لا تائباً ، أو أسير سحر أو إكراه ، أعترف أني حلمت و سأحلم بها كل يوم آلاف المرات، و أني أنتظر قدومها منذ آلاف الأعوام ، أنتظرها نوراً لا ينقصني بل يكمّلني ، أنتظرها حلماً يتحقق ، أنتظرها كائناً يعرف و يقدس قيمة الأحلام ، أنتظرها رقيقة تحلم و تغفو ، و حين تفيق ، تفيق لبوة تدافع عن رؤاها، ينبع النور من داخلها ، من ألمها ، من معاناتها ، من مثابرتها على فتح قنوات يتدفق الماء من خلالها ، هي النبع لا تعطش أبداً +-، و هي الحياة … عنفوان و طاقة و بركان لا يكف عن الثوران

About Aiham Mahmoud

Structural engineer
هذا المنشور نشر في بوح. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.