كيف تقتل مقاوماً؟

كيف تقتل مقاوماً؟
اتركه يصل إلى السلطة.
زيّن له أنه نقطة ارتكاز البلاد .. إن سقط، سقطت معه، وضاعت الأرض والبشر.
إن فعلتَ ذلك..
ضمنت شره، وشر مقاومته لك.
سيزعجك؟
نعم..
لكنه إزعاج الخائف على دنياه الذي تعرفه وتعرف حده وسقفه، وهو خيرٌ لك من أذى زاهدٍ في الدنيا لا تغريه القضايا الكبرى ومسألة إنقاذ البلدان!.
اختر عدوك بنفسك .. تسلم.
أو
اصنع عدوك بنفس وعش هائناً طول الزمان.

***

من الآخر!..


تحاول بعض المسلسلات السورية ترويج قبول المجتمع للمجرمين، تحاول أن تقول أنهم جزء طبيعي من المجتمع، وهم ليسوا أشرار كثيراً، في داخلهم الجانب الطيب حتى لو قتلوا واغتصبوا وسرقوا وعذبوا وفعلوا كل سفالات الأرض.
لكن ماذا عن ملايين الأشخاص الذين نلتقيهم في الطريق، وفي وسائط النقل العامة، وفي الأزقة المهملة خدمياً، نمشي بينهم بأمان وطمأنينة رغم فقرهم المدقع، يسعون من الصباح حتى المساء من أجل لقمة طعام، ومع ذلك لا يفعلون كما يفعل ذلك الجزء “الطبيعي!” من المجتمع.
قل لي من تعاشر .. أقول لك من أنت!.
بالنسبة لي أعاشر المعلقين في الباصات العامة بيد واحدة، أعاشر ركاب السرافيس اللاهثين وراء لقمة شريفة، والناس التي تبتسم لبعضها البعض وسط كل هذا القهر والحرمان، الملايين من رفاق الخير، والعمل، وليس رفاق السوء والتشبيح والقتل والفساد.
لي أهلي وانتمائي.. وللآخرون أهلهم وانتماءهم.
لا مبرر ولا معنى لتسويقهم!
فهذه البضاعة كاسدة.
وهذا التسويق لن يفيد.
من الآخر!… ونقطة في نهاية السطر.

***

أجمل منشور إنساني قرأته قبل أيام يتحدث عن مساعدة القطط.

المسالخ ستتوقف عن الذبح في العيد لذلك يجب تأمين طعام لمأوى القطط.
هذا التناقض المثير في هذه العبارة هو خلاصة ثقافة العالم كله.
حين تمر كلمة “مسلخ” بشكل طبيعي ضمن جملة إنسانية!، يتعاطف معها المليارات ويذرفون الدموع تأثراً.

رحم الله أرواح جميع الدجاج والخراف والأبقار وفي بعض الأحيان وبشكل سري “الحمير”، فلولاهم ولولا دماءهم الذكية ولولا سلخ جلودهم لما استطاع انسانيوا القطط والكلاب الشعور براحة الضمير.

***


أرصد كل شهر عشرات المقالات والتلميحات والمنشورات بل وبعض الكتب الرصينة عن تفاهة ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي، عن إدمان الانترنت، عن مساوئ التقنية الحديثة، كل هذا في مواقع التواصل الاجتماعي بالطبع!.
على أية حال، حين تم نشر الكتب والمجلات الورقية كانت مبيعات مجلات الموضة وماذا فعلت الممثلة الفلانية وما هو لون ملابسها الداخلية أعلى بكثير من مبيعات الترجمة العربية لمجلة العلوم الأمريكية، إذا المشكلة ليس في الورق ولا في الانترنت ولا في أي اختراع مستقبلي آخر، بل في توجه الفرد، في اهتماماته، في إدمانه الرياء، التظاهر، في جوعه المرضي للظهور والشهرة، وهذه الأمور مستمرة منذ العصر الحجري الأوسط، ربما ما قبله بكثير.


استخدمُ الانترنت بكفاءة عالية في عملي وثقافتي، وهي تبلغ بكفاءتها -على الأقل- عشر أضعاف الطريقة القديمة التي عاصرتها أيضاً، لقد تطورتُ خلال بضع سنوات في مهنتي أضعاف أضعاف ما فعلت طوال حياتي بفضل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تلوموا إذاً هذا الاختراع الجميل والمهم، لا تلوموا مواقع التواصل الاجتماعي فهي أغنت بمعلوماتها وبما رصدتُ فيها ثلاث روايات كتبتها إضافةً إلى مئات المقالات والتدوينات الأخرى.


أنا من مواليد أيار ١٩٧٠ انتقلت من عصر ما قبل ظهور التلفزيون في بلادي إلى عصر الذكاء الصنعي، وتعلمتُ باقتدار جميع مفردات كل هذه المراحل، وما زالت لدي الطاقة والشغف الكافي لتعلم المزيد والمزيد، والابحار المُتْقَن الهادئ في ظل أي تطور تقني جديد، لم، ولن، أصبح عجوزاً سقف إمكاناته انتقاد الجيل الجديد كما كان يفعل الكثير مما عاصرتهم ورأيتهم وأنا شاب، سأظل أحمل في داخلي قلب وعقل الطفل القادر على تعلم كل شيء، بذات الدهشة الأولى، وبذات الانجراف للانصهار في روح الأشياء ومعانيها.ن تفاهة ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي، عن إدمان الانترنت، عن مساوئ التقنية الحديثة، كل هذا في مواقع التواصل الاجتماعي بالطبع!.


على أية حال، حين تم نشر الكتب والمجلات الورقية كانت مبيعات مجلات الموضة وماذا فعلت الممثلة الفلانية وما هو لون ملابسها الداخلية أعلى بكثير من مبيعات الترجمة العربية لمجلة العلوم الأمريكية، إذا المشكلة ليس في الورق ولا في الانترنت ولا في أي اختراع مستقبلي آخر، بل في توجه الفرد، في اهتماماته، في إدمانه الرياء، التظاهر، في جوعه المرضي للظهور والشهرة، وهذه الأمور مستمرة منذ العصر الحجري الأوسط، ربما ما قبله بكثير.


استخدمُ الانترنت بكفاءة عالية في عملي وثقافتي، وهي تبلغ بكفاءتها -على الأقل- عشر أضعاف الطريقة القديمة التي عاصرتها أيضاً، لقد تطورتُ خلال بضع سنوات في مهنتي أضعاف أضعاف ما فعلت طوال حياتي بفضل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تلوموا إذاً هذا الاختراع الجميل والمهم، لا تلوموا مواقع التواصل الاجتماعي فهي أغنت بمعلوماتها وبما رصدتُ فيها ثلاث روايات كتبتها إضافةً إلى مئات المقالات والتدوينات الأخرى.


أنا من مواليد أيار ١٩٧٠ انتقلت من عصر ما قبل ظهور التلفزيون في بلادي إلى عصر الذكاء الصنعي، وتعلمتُ باقتدار جميع مفردات كل هذه المراحل، وما زالت لدي الطاقة والشغف الكافي لتعلم المزيد والمزيد، والابحار المُتْقَن الهادئ في ظل أي تطور تقني جديد، لم، ولن، أصبح عجوزاً سقف إمكاناته انتقاد الجيل الجديد كما كان يفعل الكثير مما عاصرتهم ورأيتهم وأنا شاب، سأظل أحمل في داخلي قلب وعقل الطفل القادر على تعلم كل شيء، بذات الدهشة الأولى، وبذات الانجراف للانصهار في روح الأشياء ومعانيها.

***

أهم ما يواجهنا حاليا في المسألة السورية هو قضية النضج، وهي أم القضايا السورية وأخطرها، فالمجتمع الطفل الذي نما على فكرة الدولة-الأم التي ترضعه وتطعمه من المهد حتى اللحد لا يستطيع أن يواجه أعاصير العالم واضطراباته العنيفة، الجميع يرى الدولة بأنها الأم التي تغذي وليس الكيان الذي ينظم ويحتاج إلى موارد، الجهاز الذي يتطور بتطور وعي وعقول أفراده، الجهاز الذي لا يستطيع الوصول إلى أعلى درجات الفساد دون فساد ثقافتنا وقيمنا ومشاركتنا جميعاً في تقبل الفساد وتسويقه، دون مسؤولية لا يوجد تغيير، والمسؤولية شرط البالغ العاقل، لذلك الجميع يهربون باتجاه أي نظرية خيالية تعفيهم من هذه المسؤولية ومن هذا الجهد.

***

كثيرون يحلمون بلحظةٍ ما، بحدث فاصل، بتحقق معجزة صغيرة، باقتران ما بشخص،.. ، ألخ.
لكنهم بطريقة ما غير واعية يهربون من فرصة تحقق هذه الأحداث والأمنيات على الرغم من إحساسهم بالألم والقهر لفقدها.
تأمين فرصة تحقيق هذه الأحلام لهم تضعهم في مأزق وجودي، القليل فقط منهم يفهم نفسه ويحاول إنشاء هوية لنفسه فيما تبقى له من حياة، بينما يدخل معظمهم من حالة حزنٍ عميق وهم يدركون أن ما حلموا به لسنوات طويلة لا يرغبون به حقاً، بل لا يستطيعون حتى تحمل احتمال وجوده في منظومة حياتهم.

About Aiham Mahmoud

Structural engineer
هذا المنشور نشر في أخبار و مقالات مختارة, الجميع. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.