غضب

يلفني الحزن الممزوج بالغضب فأشعر أني إله، و ما الإله غير حزن الوحدة و غضب عدم الانتماء، محبة لبشر لا يذكرونه إلا في حالات اليأس و القلق ، أتقمص الحالة و أتمزق بين التسامح و العقاب ، تفيض روحي كالطوفان ، تجري سيولاً تطهر الأرض أمامها من زوائدها، و تستوي أمامي الأشياء فلا مكان في قلبي لغير الحزن و عدم الانتماء.

 الإله رجل ، و في الأفق حيث قطعوا شريان عشتاري يمكث أعدائي، و تمكث حياتهم التي لا يرويني سوى انتزاعها، و نثرها في السماء زهور ياسمين، تفرش الأرض بلون أبيض حزين ، ليظهر لون الدم ناصعاً فوق هذا البياض، فلا أنسى غضبي و لا أنسى تمزقي.

 في الأفق مجدي …. في الأفق موتي، حيث أستسلم للآلام تجرفني إلى بحر المعنى، إلى التجلّي مرة أخرى، إلى الحزن على الفانين الذين أحبوني، و الذين عادوني، و الذين تاهوا في غموض كلماتي.

 أنتظرها أن تندفع من باطن الأرض ممزقة رحمها، أنتظرها أن تشاركني حزنها و أشاركها نزيفها. أنتظر غضبها و جموح رؤاها، أنتظر خُطاها تنثر عطر الياسمين حولها ، أنتظر لون الابتسامة و جمالية الجزر حين تلوح في الأفق لبحار تائه ، أنتظر الصوت أسمعه بالشغف المطلوب لتحول إله إلى إنسان ، أنتظر رائحة الخبز في الصباح حين تعدّه و حين تقدّمه و حين تنتزعه من يدي التي جمدّها الموت ، قبل أن يحملني بشر مثلي إلى قبر يليق بجسدي

أيهم محمود

About Aiham Mahmoud

Structural engineer
هذا المنشور نشر في بوح. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.